اخلاق الاسلام

أخلاق الإسلام
الخوف والرجاء .. والخشوع لله

هناك ضوابط وضعتها الشريعة الإسلامية لمنع الإفراط أو التفريط في ميدان الأخلاق الواسع المدي. فهناك علامات هدي تحقق وسطية الإسلام المطلوبة. حيث جاهد الرسول صلي الله عليه وسلم حق الجهاد. لتحقيق الرشادة المطلوبة في الأخلاق والمعاملات. وذلك لأن الإسلام دين متين يتطلب الرفق فيه في كل المجالات. سواء مجال العقيدة أو العبادات أو السلوكيات. فما هو مطلوب من المسلم ليس علي إطلاقه بل يراعي طاقات كل إنسان. ومن هذه الأخلاق الخوف والرجاء.
فالخوف والرجاء خلقان يعبران عن توازنات الشريعة الغراء. وهما جناحا المؤمن في العروج الي ملكوت السماوات والاستزادة من الأنوار.. فالخوف والخشية من الله مشاعر ضرورية لتفجير الطاقات الكامنة في الإنسان لعمل الصالحات بالالتزام بالأوامر واجتناب النواهي والحفاظ علي حدود الشريعة وحرماتها. ولكن الخوف قد يزيد عن حدوده المطلوبة بما يشل حركة المسلم. ويؤدي الي هلاكه. وهنا يظهر الرجاء ليخفف من وطأة الخوف ويحقق التوازن المطلوب في حياة المؤمن. ولذلك فإن آيات القرآن تجمع بين الرغبة والرهبة. قال تعالي: "أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً" "الإسراء:57". بدأ المرشد العام للإخوان المسلمين الشيخ مهدي عاكف ينتشر في الصحافة العربية ويقدم فكره المشوش وأفكاره غير المرتبة للقراء في الخليج والدول العربية عسي أن ينجح في استقطاب مزيد من التعاطف مع حركته المحظورة التي انكشف انها لا تملك سوي شعار "الإسلام هو الحل" غير انهم لم يستطيعوا قط أن يطبقوه أو يقتربوا من عدالة الإسلام وتكافله الاجتماعي البارز.
كان أكثر ما أثار الانتقاد في الحركة المحظورة مؤخرا تقاعسهم وتكاسلهم عن مساندة أهالي الدويقة في كارثتهم الكبري. وبدلا من أن يخصصوا أموالهم المكدسة وثرواتهم المقنطرة لمساعدة المنكوبين. وجهوا قوافل الغذاء والمساعدات الطبية إلي أهالي غزة المحاصرين وذلك سعيا إلي شو إعلامي كبير يكفل تغطية تليفزيونية لهم تتكفل بها قناة "الجزيرة" الفضائية المتعاطفة معهم والتي تحولت إلي شبه منبر مخصص لهم.
في هذا الإطار الإعلامي وتفكير الإخوان في الانتشار خارج الحدود. أدلي الشيخ مهدي عاكف مرشد الإخوان بحديث إلي صحيفة السياسة الكويتية مؤخراً تحدث فيه عن أشياء كثيرة من وجهة نظره الخاصة. ورغم إدلائه بالحديث في شهر رمضان المبارك. إلا أنه لم يتورع عن الكذب والافتراء ولا أعلم إن كان يتصور أنه معصوم فلا يراجعه أحد. ولكن الذي أعلمه أن الساكت عن الحق شيطان أخرس. لذلك أجدني مضطراً لفضح "الشيخ"..
أولاً: افتري مهدي عاكف علي رئيس الوزراء د.أحمد نظيف وقال إنه "د.نظيف" اعترف بتزوير انتخابات 2005 وإن هذا التزوير شمل 44 مقعداً. وهذا كلام غريب وافتراء أغرب من شيخ مفروض أنه لا يكذب ويتقي الله.. ثم إن د.نظيف لم يعلق مطلقاً علي نتائج انتخابات عام 2005 ولم يتطرق إليها في أحاديث صحفية بالداخل أو الخارج.. فهل أصبح الشيخ عاكف بهذه السذاجة حتي يزعم أن رئيس الوزراء صرح بأن الحكومة زورت الانتخابات! ومضي عاكف قائلاً إنه طبقاً لاعتراف د.نظيف كان ينبغي أن نحصل علي 132 مقعداً من أصل 150 مرشحاً تقدموا بها للانتخابات.. ولا أعرف من أين جاء عاكف بهذا الكلام وهل جاءه كوحي في المنام؟ أم انه أراد احراج الحكومة بعد أن شاهد سرعة تصرفها في قضايا كثيرة منها الدويقة.
ثانيا: كذب عاكف مرة أخري في الحديث عندما قال إنه ممنوع من التنقل في محافظات مصر. ويعلم الجميع ان المرشد العام للاخوان اقام افطار الجماعة المحظورة في محافظة الشرقية الاسبوع الماضي واتصل خلاله بخالد مشعل زعيم حركة حماس وهنأه بشهر رمضان وفتح "الميكروفون" أو الـ Speaker ليسمع الاخوة في الافطار تهنئة خالد مشعل.. وللمرة الثانية يكذب عاكف.
ثالثا: كذب المرشد ايضا وهو يقول إنه لا يقبل ايه تبرعات من اي جهة غير الاخوان.. وهو يعلم جيدا انه يتلقي مساعدات وتبرعات وهدايا ثمينة وساعات فاخرة من امراء وشيوخ وأثرياء العرب وبعضهم من السياسيين الكبار في بلادهم. وهؤلاء فيما اعلم ويعلم ليسوا من الاخوان.
رابعا: كذب الشيخ مهدي وهو يقول إن العرب كانوا قادرين بمفردهم علي تحرير الكويت.. ويبدو انه نسي ان الذي كان يحتل الكويت دولة عربية. وان دولا عربية "اربعة بالتحديد" كانت تؤيد احتلال صدام للكويت.. العرب كانوا منقسمين وكان يمكن أن يشتعل الصراع أكثر.
خامساً : اعترف الشيخ عاكف أن أسامة بن لادن مجاهد وشريف إذا حارب الاحتلال والمحتلين.. ونسي الشيخ أن حكم الإسلام في بن لادن أنه جالب للضرر ومُفجر للفتن. فلولا عملياته في سبتمبر 2001. لما وجدت القوة الأمريكية الغاشمة مبرراً لما فعلته في كل البلاد الإسلامية التي احتلتها. ولما كان هناك مبرر لوجود قوات أجنبية في العراق وبعض دول الخليج.
سادساً : في أحاديثه الصحفية التي أدلي بها في مصر أنكر عاكف تماماً أي وجود للتنظيم السري في جماعة الإخوان. وعندما واجهه محرر صحيفة السياسة الكويتية بما قاله. قال: التنظيم الخاص موجود وهو شرف عظيم للإخوان.. وزعم أن اسمه "الخاص" وليس "السري".. ذكرني المرشد بالنكتة التي تقول إن شخصاً أراد تغيير اسمه من "محمد الجحش" فذهب إلي السجل المدني وملأ استمارة تغيير البيانات باسم علي "الجحش".. ياشيخ مهدي الفرق في الاسم لا يعني أن أهدافكم تغيرت.. فهذا يعني أنكم تتبرأون من حسن البنا ومن التنظيم الذي أنشأه.. "والميلشيات العسكرية" في الأزهر التي قدمت استعراضها العسكري في ديسمبر 2006 خير دليل علي أن التنظيم السري قائم.
سابعاً : كذب الشيخ مهدي وهو يقول انهم غير قادرين علي تسليح جيش. ثم عاد وأكد قدرتهم علي تجييش جيش جرار.. وأنا لا أعلم إلي أين سيتجه هذا الجيش. هل إلي إسرائيل لتحريرها؟ أم سيتفرغ لممارسة عمله هنا في مصر؟
ياشيخ عاكف ليتك امسكت عليك لسانك في رمضان. فالكذب خطيئة كبري كما تعلم. وانت لاتكذب فقط. بل تفتري علي الله الكذب وتختلق روايات لم تحدث فاتق الله يجعل لك مخرجاً!
كما وضحت ذلك السنة الشريفة. فعن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في الجنة أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من الجنة أحد.
كما أن آيات القرآن الكريم تجمع بين الخوف والرجاء. وتبين أن ذلك لا يجتمع إلا لمن عرفوا ربهم حق معرفته. وهو ما يحقق لهم خيري الدنيا والآخرة. قال تعالي " فاستجبنا له ووهبنا له يحيي وأصلحنا له زوجة إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين" "الأنبياء: 90". كما وضح ذلك النبي صلي الله عليه وسلم . فعن شداد بن أوس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين. إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع عبادي وإن هو خافني في الدنيا آمنته يوم اجمع عبادي.
ولذلك فإن الأمة التي يعمر قلب أبنائها الخوف والرجاء. هي أمة يشيع فيها مفهوم الرحمة والأمن والأمان. وهي أمة تسود فيها مباديء الحق والعدل بين الناس وبالتالي تقوم فيها العلاقات علي أسس منضبطة ومقاييس ثابتة ليس فيها اعوجاج. لأن الكل يرجو رحمة ربه. ويخشي عذابه وبالتالي فهو يجتهد في تصحيح سلوكياته. وعن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اشتكي فدخل عليه النبي صلي الله عليه وسلم يعوده فقال: كيف تجدك يا عمر؟ قال أرجو وأخاف فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ما اجتمع الرجاء والخوف في قلب المؤمن إلا أعطاه الله الرجاء وآمنه الخوف.
والخشوع هو الحالة الناتجة عن الخوف والرجاء . فالخوف والرجاء يطهران القلب من أدران الشهوات والأهواء ويعمرانه بالخشوع للحق جل وعلا. وإذا خشع القلب خشعت الجوارح. فصار المؤمن عنوانا علي ما يفيض به قلبه من أنوار اليقين التي نتجت عن الجهاد علي مر السنين. وهو ما يخلق مجتمعنا راشدا في تصرفاته. يعرف وقع خطواته في الحياة. فيخطوها بعزيمة وثبات. ولا تصرفه عن هدفه الفتن والمغريات لأن ما في قلوب أبنائه من خشوع يجعلهم صامدين كالجبال أمام كل التحديات. ولا يجرفهم تيار الفتن والأهواء.
ولا يمكن الفصل قطعيا بين حالة الخوف الرجاء وبين حالة الخشوع. فكل منهما تتأثر وتتفاعل بالأخري. ولذلك فهناك أحاديث متكررة في الحالتين.. وكذلك تتشابه آيات القرآن التي تتكلم عن حالة القشعريرة التي تنتاب قلوب المؤمنين عندما يسمعون كلام الله يتلي عليهم خوفا وخشوعا للحق عز وجل . قال تعالي: "أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلي عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً" "مريم: 58".

ميرسى شهد على الموضوع

ميرسى لمرورك الجامد ده يارحومه