مستقبل مظلم

إذا صحَّت التقديرات القائلة بأن هناك تقدمّاً حقيقياً في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي غدت تجري وراء أبواب مغلقة وتحاط بسرية تامة، ويبدو ان هذه التقديرات صحيحة، فإن المعضلة التي ستواجه الفلسطينيين والإسرائيليين والأميركيين هي هذا الإنقسام الجغرافي والسياسي والإداري بين غــزة والضفة الغربية وهو انقسام تدل الممارسات اليومية والتصريحات المتلاحقة أنه باق حتى يغير الله هذه الحال بحالٍ أفضل منها وحتى ترتطم الرؤوس اليابسة والناشفة بجدار الحقيقة.

لنفترض ان الرهان على '' وطنية '' بنيامين نتنياهو سيفشل وأن الضغط الأميركي الخجول سيفعل فعله وسيتم التوصل الى اتفاق، خلال الشهور المتبقية من هذا العام، على أساس تصورات جورج بوش وقيام دولة مستقلة الى جانب دولة إسرائيل مع حل قضايا اللاجئين والقدس والحدود فكيف بالإمكان يا ترى وضع مثل هذا الإتفاق موضع التنفيذ بينما الحالة الفلسطينية هي هذه الحالة، وهناك دولة في الضفة الغربية يرى أهلها أنها هي الشرعية وأنها على اعتبار أنها تشكل إمتداداً لمنظمة التحرير هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني؟!.

إنها معضلة حقيقية وبخاصة وأنه لا أمل بجمع الشمل وأن كل هذه اللقاءات التي تجري في القاهرة تحت عنوان ''الحوار الوطني الفلسطيني'' لن تكون أكثر من مجرد قفزات في الهواء وعلى غرار ما جرى خلال كل هذا التاريخ الطويل حيث بقيت كل محطة حوارية تفضي الى المزيد من التمزق والتباعد.

لا يوجد أي أمل برأب هذا الصدع والواضح ان معركة كسر العظم ستكون بعد إنتهاء ولاية الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) حيث يصر أصحاب دولة غزة أنها ستنتهي في الخامس من كانون الثاني ( يناير ) العام 2009 ويصر أهل دولة الضفة الغربية على أنها لن تنتهي إلا مع نهاية ولاية المجلس التشريعي أي بعد عام من هذا التاريخ الآنف الذكر.. وهذا معناه ان الأمور ستسير من سيىء الى أسوأ وأن الوضع سيزداد تصدعاً وأن الإنقسام سيتعزز وهذا لن تستفيد منه إلا إسرائيل.

حتى إذا أصر الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) على إجراء إنتخابات رئاسية وتشريعية جديدة في بدايات العام المقبل فإن هذه الإنتخابات لن تشمل قطاع غزة وأنها ستقتصر على الضفة الغربية.

.. وهذا معناه أنه لا أمل ولو بخطوة تنفيذية واحدة حتى لو ان المتفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين توصلوا فعلاً الى إنجازات حقيقية خلال الشهور المتبقية حتى نهاية هذا العام فالحلُّ المفترض المنتظر لا يمكن ان يكون حلاًّ إن هو لن يشمل قطاع غزة وإسرائيل لا يمكن ان توافق على أي حلٍّ إن هو لن يحمل توقيع '' حماس '' مادام ان هذه الحركة تقيم هذه الدولة التي تقيمها ومادام أنها تنفرد بالسيطرة على '' القطاع ''.

لا أمل بأن تؤدي هذه المفاوضات '' العرجاء '' التي تجري في القاهرة والتي كانت تنقلت بين معظم عواصم العرب ولم تؤد الى اي نتيجة ولا إمكانية لإجراء إنتخابات بدون ان تشمل غزة أيضاً وهكذا وبما ان القوات العربية التي يطالب بها سلام فياض مرفوضة من قبل '' حماس ''.. فإن المستقبل الفلسطيني سيكون أكثر ظلمة وظلاماً من الحاضر.. وإن هذا يعني ان هذا الشعب المكافح العظيم لاتزال تنتظره ويلات وعذابات كثيرة.

good

تسلمى

شكرا